كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 4)

الحديث: ((إن الله خالق كل صانع وصنعته)).
ولأن المحدث لا يصح أن يحدث كما أن الحركة لا يصح أن تتحرك، فالله تعالى خلق القادر وقدرته، فقدرة القادر كتأثير الشمس بالحرارة فالشمس خلق الله وتأثيرها في الأشياء خلق الله، لأن المؤثر إذا كان خلقا يكون الأثر خلقا، وإذا كان الفاعل خلقا يكون الفعل خلقا، وإن قلت: إذا كان الله تعالى خلق الفعل فكيف يعاقبه على شيء خلقه؟ فنقول: كما يعاقب خلقا خلقه فليس عقوبته على ما خلق بأبعد من عقوبته من خلق، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون} وعلى هذا أدرج السلف الصحابة والتابعون، وصنف فيه البخاري كتاب (خلق أفعال العباد) إلى أن أحدث القدرية القول بخلافه، والأولون نظروا إلى السبب الأول وهو القدرة والإرادة القديمتان، والآخرون نظروا إلى السبب الآخر وهو القدرة والإرادة الحادثتان، وتوسط أهل السنة فمذهبهم بين الجبر والقدر، وقالوا: الأمر مزج لا بد من اعتبار الأمرين جميعا فالفعل من الله خلقا ومنك كسبا فهو اختيار ممزوج بجبر، وعبروا عن ذلك

الصفحة 963