كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 4)

كانوا يكسبون} {بما كسبت أيديهم} {فمن يعمل} {من أعطى واتقى}، لكن اختص الأشعري بالكسب لغرابة رأيه فيه، فإنه خالف المعتزلة في قولهم العبد مستقل بإيجاد فعله الذي هو مقتضى الكسب عندهم، وقال الأشعري: لا يفعل شيئا ولا أثر لقدرته في فعله البتة، قيل: له فما معنى الكسب المذكور في القرآن؟ قال: وجود القدرة في المحل وتعلقها بالفعل من غير تأثير كتعلق العلم بمعلومه، ففسر الكسب بما يتبادر منه لغة، وهو التأثير في الفعل لما دل الدليل عنده على خلافه فجاء تفسيره غريبا عن اللغة فاختص اصطلاحه باسمه.
واعلم أن أهل السنة اتفقوا على ثبوت قدرة للعبد لكنهم اختلفوا فالأشعري يقول: لا تأثير لقدرة العبد أصلا، غير اعتقاد العبد تيسير الفعل عند سلامة الآلات وحدوث الاستطاعة والقدرة، والكل من خلق الله تعالى، وألزموه أن ذلك يؤول في المعنى إلى الجبر، وقال القاضي أبو بكر: أصل المعنى بقدرة الله وكونه طاعة أو معصية بقدرة العبد، ومعنى هذا أن الفعل له اعتبارات عقلية عامة وخاصة كالوجود والحدوث وكونه حركة أو سكونا، وكون الحركة كتابة أو قولا أو صلاة أو وزنا، وليس الفعل بذاته شيئا غير الإمكان والباقي بالفاعل، فما كان منها عاما فنسبته إلى فاعله وهو الله تعالى ولا يتجدد له به اسم، وما كان منها أخص كالكتابة مثلا فنسبه

الصفحة 968