كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 4)

لا تتضاد, وقال القلانسي من أصحابنا: إنها تصلح لهما على البدل ونقله الأستاذ أبو منصور عن أبي حنيفة وابن سريج وتحقيق مذهبهم أن الاستطاعة إذا اقترنت بالايمان صلحت له ولا تصلح للكفر، إذا اقترنت بالإيمان، ولكنها لو اقترنت بالكفر بدلا من اقترانها بالإيمان لصلحت له بدلا من صلاحها بالإيمان, ولهذا منعوا تكليف ما لا يطاق لأن قدرة الكافر على كفره لو اقترنت بالإيمان بدلا من اقترانها بالكفر لصلحت للإيمان بدلا من صلاحها للكفر, فهي تصلح للإيمان على وجه فلم يكلف الكافر ما لا يطقيه إذا كلف الإيمان, والمعتزلة لا يقولون بهذا, ومن هنا فارقهم من قال من أصحابنا بصلاحيتها على البدل, وأما الأشعري رحمه الله وجمهور الأصحاب فيأبون ذلك ويقولون: استطاعة الإيمان توفيق واستطاعة الكفر خذلان, ولا تصلح إحداهما لما تصلح له الأخرى لاستحالة اجتماع الضدين, واحتجوا بقوله تعالى: {فضلوا فلا يستطيعون سبيلا} فدل على أن استطاعة الهدى لا تصلح للضلال, وقوله صلى الله عليه وسلم: ((على عهدك ووعدك ما استطعت)) فلا يستغني عن ربه في كل تنفسه وكل طرفة يطرفها لافتقاره في ذلك إلى استطاعة

الصفحة 971