كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (اسم الجزء: 3-4)

والمقام - وكنت شاكيا فقلت: رويد الإبلال، وبعيد الإقلال، قال: فسر في كنف السلامة، إلى وطن الكرامة.
وله من رقعة كتبها عن المعتضد إلى الوزير الفقيه أبي حفص الهوزني، قال فيها: وردني كتابك الأثير المقابل بين النثر البليغ والنظم البديع، تصرفت فيهما تصرف من إذا حاك الكلام طرز، وإذا غشي ميدان البيان برز، وأخذ بآفاق العلوم، وأشرقت خواطره فيها كإشراق النجوم، وإنها لفضيلة بعد فيها شأوك، وفات جهد لمجارين لك عفوك؛ فأما ما صدرته به من بالغ إطراء، وسابغ ثناء، فأمر أعلم أنه صدر عن عهد كريم، ومعتقد سليم، أنا معتقد عليهما بجميل القرض، والمجازاة الحسنة بهما في وكيد الفرض. واقتضيت ما تلا ذلك من وعظك المبرور، واحتسابك المشكور، في الحال التش أشرت إليها فأقنعت، ورمزت بها فأسمعت، بصحة دينك، وبرد يقينك، حتى نظرت إلى ما دهم المسلمين من كلب العدو عليهم: يجوسون البسيط من ديارهم، ويستبيحون المحوط من ذمارهم، ليس إلى الانقياد عن أحكامهم دفاع، ولا سوى الانحياز من أمامهم امتناع، قد تبين لهم أن تخاذلنا لهم علينا ناصر، وتواكلنا مظاهر مؤازر، فلا يعدمون من يتخلى لهم

الصفحة 118