كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (اسم الجزء: 3-4)
أبو جعفر ابن الأبار هو الذي أقام قناته، وصقل - زعموا - مرآته، فأطلعه شهابا ثاقبا، وسلك به إلى فنون الآداب طريقا لاحبا، ولو تحاماه صرف الدهر، وامتد به قليلا طلق العمر، لسد طريق الصباح، وغبر في وجوه الرياح. وتوفي ابن اثنتين وعشرين [25 أ] سنة، فذهب بأكثر ما كان في ذلك الوقت من حسنة، وقد أعرب عن ذلك من أمره بأبيات شعر قرأتها على قبره، وله كتاب سماه ب - " البديع في فصل الربيع " جمع فيه أشعار أهل الأندلس خاصة، أعرب فيه عن أدب غزير، وحظ من الحفظ موفور، وقد أخرجت من نثره ونظمه، ما يشهد بغزارة علمه وفهمه.
فصل من نثره
قال في صدر التأليف الموصوف: فصل الربيع آرج وأبهج، وآنس وأنفس، وأبدع وأرفع، من أن أحد حسن ذاته، وأعد بديع صفاته، وهو مع سماته الرائقة، وآلائه الفائقة، لم يعن بتأليفها أحد، وما انفرد بتصنيفها منفرد.
وله فصل من أخرى إلى أبيه: لما خلق الربيع من أخلاقك الغر، وسرق زهره من شيمك الزهر، حسن في كل عين منظره، وطاب في سمع خبره، وتاقت النفوس إلى الراحة فيه، ومالت إلى الإشراف