كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (اسم الجزء: 3-4)
على بعض ما يحتويه، من النور الذي كسا الأرض حللا، لا يرى الناظر في أثنائها خللا، فكأنها نجوم نثرت على الثرى، وقد ملئت مسكا وعنبرا، إن تنسمتها فأرجة، أو توسمتها فبهجة، تروق العيون أجناسها، وتحيي النفوس أنفاسها:
فالأرض في بردة من يانع الزهر ... تزري إذا قستها بالوشي والحبر
قد أحكمتها أكف المزن واكفة ... وطرزتها بما تهمي من الدرر
تبرجت فسبت منا العيون هوى ... وفتنة بعد طول الستر والخفر فأوجدني سبيلا إلى إعمال بصري فيها، لأجلو بصيرتي بمحاسن نواحيها، والفصل على أن يكمل أوانه، وينصرم وقته وزمانه، فلا تخلني من بعض التشفي منه، لأصدر نفسي متيقظة عنه، فالنفوس تصدأ كما يصدأ الحديد، ومن أجمها فهو السديد الرشيد.
وله من أخرى إلى بعض إخوانه: قد علم سيدي أن بمرآه يكمل جذلي، ويدنو أملي، وقد خللت محلا عني الجو بتحسينه، وانفرد الربيع بتحصينه، فكساه حللا من الأنوار، بها ينجلي صدأ البصائر والأبصار، فمن مكتوم يعبق مسكه، ولا يمنعه مسكه، ومن باد يروق مجتلاه، ويفوق مجتناه، في مرآه ورياه، فتفضل بالخفوف نحوي، وتعجيل اللحاق بي، لنجدد من الأنس مغاني درست، ونفك من السرور معاني قد أشكلت وألبست