كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (اسم الجزء: 3-4)

فلما استوت آراؤها قالت: إن لنا أصحابا، وأشكالا وأترابا، لا نلتقي بها في زمن، ولا نجاورها في وطن، فهلم فلنكتب بذلك عقدا ينفذ على الأقاصي والأداني؛ فكتبوا رقعة نسختها: هذا ما تحالف عليه أصناف الشجر، وضروب الزهر، وسميها وشتويها، وربيعيها وقيظيها، حيث ما نجمت من وهاد أو ربوة، وتفتحت من قرارة أو حديقة، عندما راجعت من بصائرها، وألهمت من مراشدها، [واعترفت بما سلف] من هفواتها، وأعطت للورد قيادها، وملكته أمرها، وعرفت أنه أميرها المقدم لخصاله فيها، والمؤمر لسوابقه عليها، واعتقدت له السمع والطاعة، والتزمت له الرق والعبودية، وبرئت من كل زهر نازعته نفسه المباهاة له، والانتزاء عليه، في كل وطن، ومع كل زمن، فإنه زهرة قضى عليها لسان الأيام هذا الحلف، فلتعرف أن إرشادها فيه، وقيام أمرها به.
وأما رسالة أبي الوليد فخاطب [26 أ] بها المعتضد يومئذ [قال] فيها: فأول من رأى ذلك الكتاب، وعاين الخطاب، نواوير فصل الربيع التي هي جيرة الورد في الوطن، وصحابته في الزمن، ولما قرأته أنكرت

الصفحة 130