كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (اسم الجزء: 3-4)

راق الرياض بزهره وبزهوه ... فتحيرت في معجبٍ بل معوز
عاقرت من طربٍ عليه عقارةً ... صفراء تعزى للنحول وأعتزي
لكن تميز في الكؤوس بنورها ... وبهائها، وبقيت غير مميز وقال:
نطق العود فعاتب من نطق ... واصطحبها مزةً أو فاغتبق
لا تدعها قهوةً كرخيةً ... لم يدعها نوح إذ خاف الغرق
خلتها في كأسها إذ شعشعت ... شفقاً تلبس أثواب الفلق
قهوة رقت وراقت كأبي ... عمرو الرائق خلقاً وخلق
حاجب ما إن ثنى أنمله ... بالعطايا والمنايا تندفق
هو والإفضال روض وصبا ... هو والعلياء عقد وعنق
هو والأملاك إن قيسوا به ... مهيع بين بنيات الطرق قوله: " لم يدعها نوح " أشار إلى ما روي في بعض الأحاديث: إن الشجرة التي أكل آدم عليه السلام منها في الجنة المنهيّ عنها شجرة العنب. وروي أيضاً أن نوحتً عليه السلام لما نزل عن السفينة نازعه إبليس أصل العنب، فاصطلحا على أن لنوح الثلث، ولإبليس الثلثان، وإلى هذا أشار يوسف بن هارون الرمادي بقوله، وهي من ملحه:
أفي الخمر لامت خلتي مستهامها ... كفرت بكأسي أن أطعت ملامها
لمحمولةٍ في الفلك من جنة المنى ... قد أوصي نوح غرسها وضمامها
فخادعه إبليس عنها لعلمه ... بها فرأى كتمانها واغتنامها

الصفحة 156