كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (اسم الجزء: 3-4)

وهذا المعنى مما ركب فيه ابن حصن رأسه وحكم هواه، والمعنى مشهور في من وصف بالنسك ومدح بالانسلاخ عن أبهة الملك، ومن ذلك ما قال أبو تمام:
يقول فيسمع ويمشي فيسرع ... ويضرب في ذات الإله فيوجع ورأت عائشة رضي الله تعالى عنها رجلا ناسكا يداني الخطى ويخفض الصوت فقالت: ما بال هذا - قيل: هو ناسك، قالت: عمر والله كان أنسك منه، ولكنه كان إذا مشى أسرع، وإذا تكلم أسمع، وإذا ضرب في ذات الله أوجع، وأبو تمام بهذا الكلام ألم، وبه ترنم. وفي الحديث أنه كان صلى الله عليه وسلم إذا مشى تكفأ كأنه ينحدر من صبب.
وقال من أخرى:
خليلي من يضحي إلى البدر شافعي ... فما لي على وجدي به من تبصر
يعز على واديهم أن أزورهم ... فلا يردون الماء غير مكدر
وما شفني واد تضوع عنبرا ... سواه ولا ماء يشاب بسكر
تدرج عطفيه الرياح فينثني ... تثني أعطاف النزيف المخصر

الصفحة 171