كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (اسم الجزء: 3-4)

توليتما حين انتهت بكما العلا ... إلى غايةٍ، كل إلى غاية يجري
فلو عدتما لاخترتما العود في الثرى ... إذا أنتما أبصرتماني في الأسر
يعيد على سمعي الحديد نشيده ... ثقيلاً فتبكي العين بالجس والنقر
مع الأخوات الهالكات عليكما ... وأمكما الثكلى المضرمة الصدر
فتبكي بدمعٍ ليس للقطر مثله ... وتزجرها التقوى فتصغي إلى الزجر
أبا خالدٍ أورثتني الحزن خالداً ... أبا النصر مذ ودعت ودعني نصري
وقبلكما قد أودع القلب حسرةً ... تجدد طول الدهر ثكل أبي عمرو قوله: " فلو عدتما لاخترتما العود في الثرى.. " البيت، كأنه من أشعار النساء، وأراه ينظر إلى قول الخنساء في صيغة المبنى، وإن خالفه في المعنى، وهو:
فلولا كثرة الباكين حولي ... على إخوانهم لقتلت نفسي وأبو عمرو الذي ذكره هو ابنه المقتول بقرطبة على يدي ابن عكاشة، حسبما يأتي شرحه في موضعه من هذا المجموع إن شاء الله.
قال أيضاً فيهما يندبهما بما يوقد الضلوع، ويسكب الدموع:
يا عين عيني أقوى منك تهتانا ... أبكي لحزن وما حملت أحزانا
ونار برقك تخبو إثر وقدتها ... ونار قلبي تلفى الدهر بركانا
نار وماء صميم القلب أصلهما ... متى حوى القلب نيراناً وطوفانا

الصفحة 70