كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (اسم الجزء: 3-4)

وواعجبا للأرض حين ملكتها ... ومت ولم يسترك من عرضها (1) شبر
فليتك من قلبي (2) وعيني صيانةً ... تؤوب إلى قبر إذا لم يكن قبر
فيرعاك مني مشفق ذو حفيظةٍ ... عليك إذا لم يرعك الذئب والنسر وباتوا (3) ثلاثتهم ببعض المواضع، تتجافى جنوبهم عن المضاجع، ويتعاطون أدباً كالراح ممزوجةً بماء الوقائع، والمدام لهم نقل، والزمان لولاهم غفل إلى أن غازلت السنة أجفانهم، وأجمت قليلاً أذهانهم؛ فانتبه أبو محمد منهم والصبح قد ومض، والعصفور قد انتفض؛ فقال:
يا شقيقي وافي الصباح بوجه ... ستر الليل نوره وبهاؤه
فاصطبح واغتنم مسرة يوم ... لست تدري بما يجئ مساؤه ثم استيقظ أبو بكر فقال:
يا أخي قم تر النسيم عليلا ... باكر الروض والمدام شمولا
لا تنم واغتنم مسرة يومٍ ... إن تحت التراب نوماً طويلا ثم هب أبو الحسن من مرقده، بأذكى ذهن وأوقده، فقال:
يا صاحبي ذرا لومي ومعتبتي ... ولنصطبح خمرة من خير ما ذخروا
وبادروا غفلة الأيام واغتنما ... (4) فاليوم خمر ويبدو في غد خبر
__________
(1) س: وبعضها.
(2) س: عيني وقلبي.
(3) من هنا حتى آخر الترجمة تنفرد به س؛ وانظر القلائد: 151 والمغرب 1: 367 والإحاطة 1: 530.
(4) رغم أنه متصل بقول امرئ القيس " اليوم خمراً وغداً أمر " فإنه من صياغة بشار بن برد إذ يقول:
اليوم خمر ويبدو في غد خبر ... والدهر ما بين إنعام وإبآس

الصفحة 773