كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (اسم الجزء: 3-4)
وفي فصل منها: وكتابي عن حالة يشيب لشهودها مفرق الوليد، كما غير لورودها وجه الصعيد، بدؤها ينسف الطريف والتالد، ويستأصل الوليد والوالد، تذر النساء أيامى، والأطفال يتامى، فلا أيمة إذا لم تبق أنثى، ولا يتيم والأطفال في قيد الأسرى، بل تعم الجميع جما جما، فلا تخص، وتزدلف إليهم قدماً قدماً، فلا تنكص، طمت حتى خيف على عروة الإيمان الانقضاض، وسمت حتى توقع على جناح الدين الانهياض.
وفي فصل منها: كأن الجميع في رقدة أهل الكهف، أو على وعدٍ صادق من الصرف والكشف، وأنى لمثلها بالدفاع عن الحريم، ولما نمتثل أدب العزيز الحكيم في قوله: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض} (البقرة: 251) وقوله تعالى: {لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً، ولينصرن الله من ينصره} (الحج: 40) ومن أين لنا دفعهم بالكفاية أو كيف، ولم نمتط إليهم الخوف، ونساجلهم السيف، بل لما يرأب من صدوعهم ثلم، ولا دووي من جراحهم كلم، ولا رد في نحورهم سهم، إن حاربوا موضعاً أرسلناه، أو انتسفوا قطراً سوغناه، وإن هذا لأمر له ما بعده، إلا أن يسني الله على يديك دفعه وصده: