كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (اسم الجزء: 3-4)

قد أمكنك الحز، ولا غرو أن يستمطر الغمام في الجدب، ويستصحب الحسام في الحرب، فالسهام تطيش فتختلف، والرماح تلين وتنقصف، فإن جعجعت أيها الساعي المخب في بغاء الفرج، وتحققت بالحث على جلاء تلك اللجج، ووجدت في فتح ذلك الباب المرتج:
فنادٍ: أعباد ذا عائذ ... وقدك، على حينها تنصرم
تجبك أسود على ضمرٍ ... معودة ما بغت أن يتم
كأن المقادير حزب له ... فيمضي على رأيه ما حكم
سقته الحمية جريالها ... وصحت مناقبه في الكرم
فصاب لأعدائه ممقر ... وغيث لراجيه حلو الديم
كنوه بما مد في عمره ... وكان نحور العدا يخترم
تقيدنا حر أفعاله ... وكنيته تقتضي ما رسم
فمن ذين تفريع أوصافه ... وبالرمز نعني الذكي الفهم وفي فصل منها: وما زلت أعتدك لمثل هذه الجولة وزراً، وأدخرك في ملمها ملجأ وعصراً، لدلائل أوضحت فيك الغيب، وشواهد رفعت من أمرك الريب، فالنهار من الصباح، والنور من المصباح، ولئن كان ليل الفساد مما دهم قد أغدف جلبابه، وصباح الصلاح بما ألم قد قدّ إهابه، فقد كان ظهر قديما من اختلال الأحوال ما أيأس، وتبين من فساد التدبير ما أبلس، حتى تدارك فتق ذلك سلفك، فرتقه جميل نظرهم ورأبه، وصرفه مشكور أثرهم وشعبه:

الصفحة 86