كتاب المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي (اسم الجزء: 3-4)

عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَتْ لَهُ: يَا ابْنَ شَدَّادَ بْنَ الْهَادِ، هَلْ أَنْتَ صَادِقِي عَمَّا أَسْأَلُكَ عَنْهُ؟ حَدِّثْنِي عَنْ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عَلِيٌّ.
قَالَ: وَمَا لِي لا أَصْدُقُكِ؟ قَالَتْ: فحَدِّثْنِي عَنْ قِصَّتِهِمْ.
قَالَ: فَإِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ لَمَّا كَاتَبَ مُعَاوِيَةَ وَحَكَمْ الْحَكَمَانِ وَخَرَجَ عَلَيْهِ ثَمَانِيَةُ آلافٍ مِنْ قُرَّاءِ النَّاسِ فَنَزَلُوا بِأَرْضٍ يُقَالَ لَهَا: حَرُورَاءُ مِنْ جَانِبِ الْكُوفَةِ وَأَنَّهُمْ عَتَبُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا: انْسَلَخْتَ مِنْ قَمِيصٍ كَسَاكَهُ اللَّهُ وَاسْمٍ سَمَّاكَ اللَّهِ بِهِ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ فَحَكَمْتَ فِي دِينِ اللَّهِ فَلا حَكَمَ إِلا اللَّهُ؛ فَلَمَّا بَلَغَ عَلِيًّا مَا عَتَبُوا عَلَيْهِ وَفَارَقُوهُ عَلَيْهِ؛ أَمَرَ مُؤَذِّنًا فَأَذَّنَ أَنْ لا يَدْخُلَنَّ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلا مَنْ قَدْ حَمَلَ الْقُرْآنَ.
فَلَمَّا امْتَلأَتِ الدَّارُ مِنْ قُرَّاءِ النَّاسِ دَعَا بِمُصْحَفِ إِمَامٍ عَظِيمٍ فَوَضَعَهُ عَلِيٌّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَطَفِقَ يَصُكُّهُ بِيَدِهِ وَيَقُولُ: أَيُّهَا الْمُصْحَفُ حَدِّثِ النَّاسَ.
فَنَادَاهُ النَّاسُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَسْأَلُ عَنْهُ إِنَّمَا هُوَ مِدَادٌ فِي وَرَقٍ وَنَحْنُ نَتَكَلَّمُ بِمَا رَأَيْنَاهُ فَمَا تُرِيدُ؟ قَالَ: أَصْحَابُكُمْ أُولاءِ الَّذِينَ خَرَجُوا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ كِتَابُ اللَّهِ.
يَقُولُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فِي امْرَأَةٍ وَرَجُلٍ: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35] .
فَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْظَمُ حُرْمَةً أَوْ ذِمَّةً مِنِ امْرَأَةٍ وَرَجُلٍ، وَنَقِمُوا عَلَيَّ أَنِّي كَاتَبْتُ مُعَاوِيَةَ.
كَتَبْتُ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَقَدْ جَاءَنَا سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» .
قَالَ: لا تَكْتُبْ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» .
قَالَ: «وَكَيْفَ نَكْتُبُ» ؟ قَالَ سُهَيْلٌ: اكْتُبْ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَاكْتُبْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» .

الصفحة 13