كتاب الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات (اسم الجزء: 3)

قبل أن تبعد فلزمها كما لو لم تفارق البنيان.
وإن مات زوجها بعد مفارقة البنيان إن كان سفرها لنقلة، أو بعد مسافة قصر إن كان لغيرها تخير بين الرجوع فتعتد في منزلها وبين المضي لقصدها؛ لأن كلا من البلدين سواء إليها، لأنها كانت ساكنة بالأول ثم خرج عن كونه منزلا لها بإذنه في الانتقال كما لو حولها قبله، والثاني لم يصر منزلها؛ لأنها لم تسكنه، وحيث مضت أقامت لقضاء خاجتها، فإن كان لنزهة أو زيارة، فإن كان قدر مدة إقامتها وإلا أقامت ثلاثا، فإذا مضت وقضت حاجتها، فإن كان خوف ونحوه أتمت العدة بمكانها، وإذا إن كانت لا تصل إلى منزلها إلا بعد انقضائها، وإلا لزمها العود لتتمها به.
وتعتد بائن بطلقة أو أكثر أو فسخ بمكان مأمون من البلد الذي بانت فيه حيث شاءت منه نصا (¬1)، لحديث فاطمة بنت قيس قالت: "طلقني زوجي ثلاثا، فأذن لي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن أعتد في أهلي" رواه مسلم (¬2) ولا تبيت إلا به، ولا تسافر قبل انقضاء عدتها لما في البيتوتة بغير منزلها وسفرها إلى غير بلدها من التبرج والتعرض للريبة، وإن أراد مبينها إسكانها بمنزله أو غيره مما يصلح لها تحصينا لفراشه ولا محذور فيه من رؤية ما لا يحل له رؤيته أو خوف عليها ونحوه لزمها ذلك؛ لأن الحق له فيه، وضرره عليه، فكان على اختياره وإن لم تلزمه نفقة، كمعتدة لوطء شبهة أو من نكاح فاسد
¬__________
(¬1) المغني 11/ 302، وشرح الزركشي 5/ 581، والمقنع والشرح الكبير والإنصاف 24/ 165 - 166، والمحرر 2/ 108، والمبدع 8/ 147، وغاية المنتهى 3/ 210.
(¬2) في باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها، كتاب الطلاق برقم (1480) صحيح مسلم 2/ 1118، وأبو داود بنحوه، باب في نفقة المبتوتة، كتاب الطلاق برقم (2288) سنن أبي داود 2/ 287، والترمذي، باب ما جاء في المطلقة ثلاثا، كتاب الطلاق واللعان برقم (1180) الجامع الصحيح 3/ 484، وأحمد برقم (26799) المسند 7/ 566.

الصفحة 629