كتاب الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات (اسم الجزء: 3)

(كتاب الوصايا)
من وصيت الشي إذا وصلته؛ لأن الميت وصل ماكان في من أمر حياته بما بعده من أمر مماته، ووصى وأوصى بمعنى واحد.
وهي لغة: الأمر (¬1)، قال تعالى: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ} (¬2) وقال: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ} (¬3).
وشرعا: الأمر بالتصرف بعد الموت (¬4)؛ كوصيته إلى من يغسله، أو يصلي عليه، أو يتكلم على صغار أولاده، أو يزوج بناته ونحوه، والوصية بمال: التبرع به بعد الموت بخلاف الهبة (¬5).
والوصية جائزة بالإجماع (¬6) لقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} الآية (¬7)، وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي به يبيت ليلتين
¬__________
(¬1) قال في الصحاح 6/ 2525: "أوصيت بشيء وأوصيت إليه إذا جعلته وصيك". وينظر: القاموس المحيط 4/ 400، ومعجم مقاييس اللغة 6/ 116، وتهذيب اللغة 12/ 267، ولسان العرب 5/ 394، وفي جميعها لم أجد النص على أن الوصية في اللغة الأمر وإنما يستفاد من كلامهم.
(¬2) سورة البقرة من الآية (132).
(¬3) سورة الأنعام من الآية (151).
(¬4) ينظر: المقنع والشرح الكبير والإنصاف 17/ 191، وكشاف القناع 4/ 335.
(¬5) فهي: تمليك في حياته بغير عوض. ينظر: المقنع 2/ 331، والمطلع ص 291.
(¬6) ينظر: الإجماع لابن المنذر ص 89، والإفصاح لابن هبيرة 2/ 70.
(¬7) {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} سورة البقرة من الآية (180).

الصفحة 69