كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 10 """"""
ذكر شيء من مجون الأعراب
سئل أعرابي عن جارية له يقال لها زهرة ، فقيل له : أيسرك أنك الخليفة وأن زهرة ماتت ؟ فقال : لا والله تذهب الأمة وتضيع الأمة . وجد أعرابي مرآة وكان قبيح الصورة ، فنظر فيها فرأى وجهه فاستقبحه ، فرمى بها وقال : لشر ما طرحك أهلك . وقيل لأعرابي : لم يقال : باعك الله في الأعراب ؟ فقال : لأنا نجيع كبده ، ونعرى جلده ، ونطيل كده . وتزوج أعرابي على كبر سنه ، فقيل له في ذلك ، فقال : أبادره باليتم ، قبل أن يبادرني بالعقوق . ومر أعرابي وفي يده رغيف برجل في يده سيف ، فقال : بعني هذا السيف بهذا الرغيف ، فقال : أمجنون أنت ؟ فقال الأعرابي : ما أنكرت مني ؟ انظر أيهما أحسن أثراً في البطن . وحكي أن المهدي خرج للصيد فغلبه فرسه حتى انتهى به إلى خباء لأعرابي ، فقال : يا أعرابي ، هل من قرى ؟ قال : نعم ، وأخرج له فضلة من خبز ملة فأكلها وفضلة من لبن فسقاه ، ثم أتى بنبيذ في زكرة فسقاه قعباً . فلما شرب قال : أتدري من أنا ؟ قال : لا والله . قال : أنا من خدم الخاصة ، قال : بارك لك الله في موضعك . ثم سقاه آخر ، فلما شربه قال : أتدري من أنا ؟ قال : نعم ، زعمت أنك من خدم الخاصة ، قال : بل أنا م قواد أمير المؤمنين ، فقال له الأعرابي : رحبت بلادك ، وطاب مادك ومرادك . ثم سقاه قدحاً ثالثاً ، فلما فرغ منه قال : يا أعرابي ، أتدري من أنا ؟ قال : زعمت أخيراً أنك أنك من قواد أمير المؤمنين ، قال : لا ولكني أمير المؤمنين . فأخذ الأعرابي الزكرة فأوكاها وقال : والله لئن شربت الرابع لتقولن : إنك لرسول الله ، فضحك المهدي . ثم أحاطت بهم الخيل ، فنزل أبناء الملوك والأشراف ، فطار قلب الأعرابي ، فقال له المهدي : لا

الصفحة 10