كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 100 """"""
فكتب إليه : " بسم الله الرحمن الرحيم ، حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير " أما بعد ، فقد بلغني قولك :
لعل أمير المؤمنين يسوءه . . . تنادمنا بالجوسق المتهدم
وأيم الله لقد ساءني وعزله . فلما قدم عليه سأله ، فقال : والله ما كان من هذا شيء ، وما كان إلا فضل شعر وجدته وما شربتها قط . فقال عمر : أظن ذلك ، ولكن لا تعمل لي عملاً أبداً . فنزل البصرة ، ولم يزل يغزو مع المسلمين حتى مات رحمه الله .
ومنهم : عمارة بن الوليد بن المغيرة . خطب امرأة من قومه ، فقالت : لا أتزوجك حتى تدع الخمر والزنا . فقال : أما الزنا فإني أدعه ، وأما الخمر فوجدي بها شديد . ثم اشتد وجده بالمرأة فعاود طلبها ، فقالت : حتى يحلف بطلاقي يوم يزني أو يشرب خمراً ، فحلف لها وتزوجها . ومكث حيناً لا يشرب ، إلى أن مر بخمار وعنده قوم يشربون وقينة تغنيهم وهو على ناقة ، فطرب إليهم وارتاح ورمى بثيابه إلى الخمار ، وقال : أسقهم بها ، ونحر لهم ناقته ، ومكث أياماً يطعمهم ويسقيهم حتى أنفد ما معه . ثم رجع إلى امرأته ، فلامته ، فأنشأ يقول :
أقلي علي اللوم يا أم سالم . . . وكفى فإن العيش ليس بدائم
أسرك لما صرع القوم نشوة . . . خروجي منهم سالماً غير غارم
سليماً كأني لم أكن كنت منهم . . . وليس الخداع من تصافى التنادم
ثم قال لها : الحقي بأهلك ، وعاد إلى ما كان عليه .
وأما من افتخر بشربها وسبائها ، فقد كانت العرب تفتخر بسبائها ، وتضيفه إلى عظيم غنائها ، وتقرنه بمذكور بلائها . وشاهد ذلك قول امرئ القيس :