كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 101 """"""
كأني لم أركب جواداً للذة . . . ولم أتبطن كاعباً ذات خلخال
ولم أسبأ الزق الروي ولم أقل . . . لخيلي كرى كرة بعد إجفال
فقرن دوده في سباء الزق ببسالته في كر الخيل . ولما أنشد أبو الطيب المتنبي سيف الدولة بن حمدان قصيدته التي يقول فيها :
وقفت وما في الموت شك لواقف . . . كأنك في جفن الردى وهو نائم
تمر بك الأبطال كلمى هزيمة . . . ووجهك وضاح وثغرك باسم
فقال له سيف الدولة : انتقدنا عليك يا أبا الطيب هذين البيتين كما انتقد على امرئ القيس بيتاه ، وذكرهما ، قال : وبيتاك لا يلتئم شطراهما كما لا يلتئم شطرا هذين البيتين : كان ينبغي لامرئ القيس أن يقول :
كأني لم أركب جواداً ولم أقل . . . لخيلي كرى كرة بعد إجفال
ولم أسبأ الزق الروي للذة . . . ولم أتبطن كاعباً ذات خلخال
وأن تقول أنت :
وقفت وما في الموت شك لواقف . . . ووجهك وضاح وثغرك باسم
تمر بك الأبطال كلمى هزيمة . . . كأنك في جفن الردى وهو نائم
فقال : أيد الله مولانا إن كان صح أن الذي استدرك على امرئ القيس أعلم منه بالشعر فقد أخطأ امرؤ القيس وأخطأت أنا ، والثوب لا يعرفه البزاز معرفة الحائك لأن البزاز يعرف جملته والحائك يعرف جملته وتفاريقه ، لأنه هو الذي أخرجه من الغزلية إلى الثوبية . وإنما قرن امرؤ القيس لذة النساء بلذة الركوب للصيد ، وقرن السماحة في سباء الخمر للأضياف بالشجاعة في منازلة الأعداء ، وأنا لم ذكرت الموت في أول البيت أتبعته بذكرى الردى وهو الموت ليجانسه . ولما كان الجريح

الصفحة 101