كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 127 """"""
الباب الخامس من القسم الثالث من الفن الثاني في الندمان والسقاة
قال سهل بن هارون : ينبغي للنديم أن يكون كأنما خلق من قلب الملك يتصرف بشهواته ويتقلب بإرادته ، لا يمل المعاشرة ، ولا يسأم المسامرة ، إذا انتشى يحفظ ، وإذا صحا ييقظ ، ويكون كاتماً لسره ، ناشراً لبره . قالوا : فاخر كاتب نديماً ، فقال الكاتب : أنا معونة ، وأنت مؤونة ، وأنا للجد ، وأنت للهزل ، وأنا للشدة ، وأنت للرخاء ، وأنا للحرب ، وأنت للسلم . فقال النديم : أنا للنعمة ، وأنت للخدمة ، وأنا للحظوة ، وأنت للمهنة ، تقوم وأنا قاعد ، وتحتشم وأنا مؤانس ، تدأب لراحتي ، وتشقى لما فيه سعادتي ، فأنا شريك وأنت معين ، كما أنك تابع وأنا قرين . فلم يحر الكاتب جواباً . والله أعلم .
وسئل إسحاق بن إبراهيم الموصلي رحمه الله عن الندماء ، فقال : واحد غم ، واثنان هم ، وثلاثة قوام ، وأربعة تمام ، وخمسة مجلس ، وستة زحام ، وسبعة جيش ، وثمانية عسكر ، وتسعة اضرب طبلك ، وعشرة الق بهم من شئت .
وقال الجماز : النبيذ حرام على اثني عشر نفساً ، من غنى الخطأ ، واتكأ على اليمين ، وأكثر من أكل البقل ، وكسر الزجاج ، وسرق الريحان ، وبل ما بين يديه ، وطلب العشاء ، وقطع البم ، وحبس أول قدح ، وأكثر الحديث ، وامتخط في منديل الشراب ، وبات في موضع لا يحتمل المبيت فيه .
قال أبو هلال العسكري :
ما أعاف النبيذ خيفة إثم . . . إنما عفته لفقد النديم
ليس في اللهو والمدامة حظ . . . لكريم دون النديم الكريم

الصفحة 127