كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 13 """"""
واختصم رجلان إلى إياس بن معاوية وهو قاضي البصرة لعمر بن عبد العزيز في مطرف خزوأنبجاني ، وادعى كل واحد منهما أن المطرف له وأن الأنبجاني لصاحبه . فدعا إياس بمشط وماء ، فبل رأس كل واحد منهما ، ثم قال لأحدهما : سرح رأسك فسرحه ، فخرج في المشط عفر المطرف ، وفي مشط الآخر عفر الأنبجاني ، فقال : يا خبيث الأنبجاني لك ، فأقر ، فدفع المطرف لصاحبه . وقال رجل لإياس : هل ترى على من بأس إن أكلت تمراً ؟ قال : لا . قال : فهل ترى علي من بأس إن أكلت معه كيسوماً ؟ قال : لا . قال : فإن شربت عليهما ماء ؟ قال : جائز . قال : فلم تحرم السكر ، وغنما هو ما ذكرت لك ؟ قال له إياس لو صببت عليك ماء هل كان يضرك ؟ قال : لا . قال : فلو نثرت عليك تراباً هل كان يضرك ؟ قال : لا . قال : فإن أخذت ذلك فخلطته وعجنته وجعلت منه لبنة عظيمة فضربت بها رأسك هل كان يضرك ؟ قال : كنت تقتلني . قال : فهذا مثل ذاك .
دعا الرشيد أبو يوسف القاضي فسأله عن مسألة فأفتاه ، فأمر له بمائة ألف درهم . فقال : إن رأى أمير المؤمنين أن يأمر بتعجيلها قبل الصبح فقال : عجلوها له . فقيل : إن الخازن في بيته والأبواب مغلقة . فقال أبو يوسف : وقد كنت في بيتي والدروب مغلقة ، فلما دعيت فتحت . فقال له الرشيد : بلغني أنك لا ترى لبس السواد . فقال : يا أمير المؤمنين ، ولم وليس في بدني شيء أعز منه ؟ قال : وما هو ؟ قال : السواد الذي في عيني .
وسأل الرشيد الأوزاعي عن لبس السواد ، فقال : لا أحرمه ، ولكني أكرهه . قال : ولم ؟ قال : لأنه لا تجلى فيه عروس ، ولا