كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 135 """"""
أما ما قيل في تحريم الغناء وما استدل به من رأى ذلك ، فإنهم استدلوا على التحريم بالكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين والأئمة من علماء المسلمين . أما دليلهم من الكتاب العزيز فقول الله عز وجل : " قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون " . وقوله عز وجل : " وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه " . وقوله سبحانه وتعالى : " والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كرماً " . وقوله تبارك وتعالى : " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً أولئك لهم عذاب مهين " . وقوله سبحانه وتعالى : " واستفزز من استطعت منهم بصوتك " ، وقوله : " أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون " . قال ابن عباس : سامدون هو الغناء بلغة حمير ، وقال مجاهد : هو الغناء بقول أهل اليمن ، سمد فلان إذا غنى . وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في هذه الآية " ومن الناس من يشتري لهو الحديث " : إنه الغناء ، ومن طريق آخر : إنه الغناء وأشباهه . وروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : هو - والذي لا إله إلا هو - الغناء . وعن مجاهد رضي الله عنه في قوله تعالى : " واستفزز من استطعت منهم بصوتك " قال : صوته الغناء والمزامير . وعنه في قوله تعالى : " والذين لا يشهدون الزور " قال : الغناء .
وأما دليلهم من السنة ، فما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : إن الله عز وجل حرم القينة وبيعها وثمنها وتعليمها والاستماع إليها ، ثم قرأت " ومن الناس من يشتري لهو الحديث " الآية . وروي عن أبو أمامة رضي الله عنه أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " ما رفع أحد صوته بغناء إلا بعث الله عز وجل إليه شيطانين على منكبيه يضربان بأعقابهما على صدره حتى يمسك " . وروي أبو الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " كان إبليس أول من ناح وأول من تغنى " . وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين صوت عند نعمة وصوت عند مصيبة " .