كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 136 """"""
وأما أقوال الصحابة والتابعين رضي الله عنهم ، فقد روي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال : ما تغنيت قط . فتبرأ من الغناء وتبجح بتركه . وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل . وروي أن ابن عمر رضي الله عنهما مر على قوم محرمين ومعهم قوم ورجل يغني فقال : ألا لا سمع والله لكم ، ألا لا أسمع والله لكم . وروي عن عبد الله بن دينار قال : مر ابن عمر رضي الله عنهما بجارية صغيرة تغني ، فقال : لو ترك الشيطان أحداً ترك هذه . وعن إسحاق بن عيسى قال : سألت مالك بن أنس رضي الله عنه عما ترخص فيه بعض أهل المدينة من الغناء فقال : ما يفعله عندنا إلا الفساق . وقال الشعبي : لعن المغني والمغني له وقال الحكم بن عتيبة : حب السماع ينبت النفاق في القلب . وروي أن رجلاً سأل القاسم بن محمد فقال : ما تقول في الغناء ، أحرام هو ؟ فأعاد عليه ، فقال له في الثالثة : إذا كان يوم القيامة فأتى بالحق والباطل أين يكون الغناء ؟ قال : مع الباطل . قال القاسم : أفت نفسك . وقال الفضيل بن عياض : الغناء رقية الزنا . وقال بعضهم : الغناء رائد من رواد الفجور . وقال الضحاك : الغناء مفسدة للقلب ، مسخطة للرب . وقال يزيد بن الوليد مع اشتهاره بما اشتهر به : يا بني أمية ، إياكم والغناء ، فإنه ينقص الحياء ويزيد الشهوة ويهدم المروءة ، وإنه لينوب عن الخمر ويفعل ما يفعله السكر ، فإن كنتم لا شك فاعلين فجنبوه النساء ، فإن الغناء رقية الزنا . وإني لأقول ذلك فيه على أنه أحب إلي من كل لذة ، وأشهى إلى نفسي من الماء إلى ذي الغلة الصادي ، ولكن الحق أحق أن يقال .
وأما أقوال الأئمة رحمهم الله تعالى فقد قال الإمام الشافعي رضي الله عنه في كتاب أدب القضاة : الغناء لهو مكروه يشبه الباطل . وقال : من استكثر منه فهو سفيه

الصفحة 136