كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 137 """"""
ترد شهادته . قال القاضي حسين بن محمد : وأما سماعه من المرأة التي ليست بمحرم ، فإن أصحاب الشافعي قالوا : لا يجوز بحال سواء كانت بارزة أو من وراء حجاب وسواء كانت حرة أو مملوكة . وقال الشافعي : وصاحب الجارية إذا جمع الناس لسماعها فهو سفيه ترد شهادته . ثم غلظ القول فيه وقال : هو دياثة . قال : وإنما جعل صاحبها سفيهاً لأنه دعا الناس إلى الباطل ، ومن دعا إلى باطل كان سفهاً فاسقاً . وقال مالك بن أنس : إذا اشترى جارية فوجدها مغنية كان له ردها بالعيب ، قال : وهو مذهب سائر أهل المدينة إلا إبراهيم بن سعد أهل الكوفة وسفيان الثوري ، وحماد بن سلمة ، وإبراهيم النخعي ، والشعبي وغيرهم لا خلاف بينهم في ذلك . قال : ولا يعرف أيضاً بين أهل البصرة خلاف في كراهة ذلك والمنع منه . وقال بعض الزهاد : والغناء يورث العناد في قوم ، ويورث التكذيب في قوم ، ويرث القساوة في قوم .
وقال بعضهم عن حاله عند السماع :
أتذكر وقتنا وقد اجتمعنا . . . على طيب الغناء إلى الصباح
ودارت بيننا كأس الأغاني . . . فأسكرت النفوس بغير راح
فلم ترفيهم إلا نشاوي . . . سروراً والسرور هناك صاحي
إذا لبى أخو اللذات فيه . . . منادي اللهو حي على السماح
ولم يملك سوى المهجات شيئاً . . . أرقناها لألحاظ ملاح
هذا ملخص ما ذكروه في تحريم الغناء . وقد استدل من أباحه بما يناقض ما تقدم على ما نذكر ذلك إن شاء الله في إباحة الغناء .

الصفحة 137