كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 142 """"""
وأما ما ورد في اليراع ، فقد احتج بعضهم بحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وهو ما خرجه أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني في سننه قال : حدثنا أحمد بن عبد الله لغداني ، حدثنا مسلم ، حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى عن نافع ، قال : سمع ابن عمر رضي الله عنهما مزماراً ، فوضع إصبعيه على أذنيه ونأى عن الطريق ، وقال لي : يا نافع ، هل تسمع شيئاً ؟ قلت لا . قال : فرفع إصبعيه من أذنيه وقال : كنت مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فسمع مثل هذا فصنع مثل هذا . قال أبو عبد الله اللؤلئي : سمعت أبا داود يقول : هذا الحديث منكر . وقال الحافظ محمد بن طاهر : هذا حديث خرجه أبو داود في سننه هكذا وقد أنكره . وقد ورد من غير هذا الطريق أن ابن عمر رضي الله عنهما سمع راعياً وذكره . وفساد هذا الحديث من وجهين : أحدهما فساد طريق الإسناد ، فإن سليمان هذا هو الأشدق الدمشقي تكلم فيه أهل النقل وتفرد بهذا الحديث عن نافع ولم يؤوه عنه غيره . وقال البخاري : سليمان بن موسى عنده مناكير . والثاني قول عبد الله بن عمر رضي الله عنهم : أتسمع ؟ ولو كان ذلك منهياً عنه لم يأمره بالاستماع . وقوله : كنت مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فسمع مثل هذا فصنع مثل هذا . ولو كان حراماً لنهاه عنه وصرح بتحريمه ، لأنه الشارع المأمور بالبيان . قالت عائشة رضي الله عنها : علقت على سهوة لي سراً فيه تصاوير ، فلما رآه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) تلون وجهه وهتكه . وسمع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحلف بآبائه فنهاه عن ذلك . ورأى يزيد بن طخفة مضطجعاً على بطنه فنهاه وقال : " هذه ضجعة يبغضها الله عز وجل " . وسمع ( صلى الله عليه وسلم ) رجلاً يلعن ناقته ، فوقف فقال : " لا يتبعنا ملعون " ، فنزل عنها وأرسلها . قال الحافظ المقدسي : وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز بحال ، فثبت فساد هذا الحديث إسناداً ومتناً .
وأما ما ورد في القصب والأوتار . ويقال له التغيير ، ويقال له القطقطة أيضاً . ولا فرق بينه وبين الأوتار ، إذ لم يوجد في إباحته وتحريمه أثر لا صحيح ولا