كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 144 """"""
غبنت بسبعمائة درهم . فأتى ابن عمر إلى ابن جعفر فقال : إنه قد غبن بسبعمائة درهم ، فإما أن تعطيها إياه وإما أن ترد عليه بيعه ، فقال : بل نعطيها إياه . وهذه الحكاية ذكرها أبو محمد بن حزم واستدل بها على إباحته فقال : فهذا عبد الله بن جعفر وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما قد سمعا الغناء بالعود ، وإن كان ابن عمر كره ما ليس من الجد فلم ينه عنه ، وقد سفر في بيع مغنية كما ترى ، ولو كان حراماً ما استجاز ذلك أصلاً . وأما ما ورد في المزامير والملاهي ، قال الشيخ الإمام الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي : وأما القول في المزامير والملاهي ، فقد وردت الأحاديث الصحيحة بجواز استماعها . فمن ذلك ما رواه بسند رفعه إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : " ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يفعلونه غير مرتين كل ذلك يحول الله عز وجل بيني وبين ما أريده من ذلك ثم ما هممت بعدها بشيء حتى أكرمني الله برسالته فإني قلت لغلام من قريش ليلة وكان يرعى معي في أعلى مكة لو أنك أبصرت غنمي حتى أدخل مكة فأسمر بها كما يسمر الشباب قال أفعل . فخرجت أريد ذلك حتى جئت أول دار من ديار مكة سمعت عزفاً بالدفوف والمزامير فقلت ما هذا فقالوا فلان تزوج فلانة بنت فلان فجلست أنظر إليهم فضرب الله عز وجل على أذني فنمت فما أيقظني إلا مس الشمس فرجعت إلى صاحبي فقال ماذا فعلت قلت ما صنعت شيئاً ثم خبرته الخبر فقال ثم قلت له ليلة أخرى مثل ذلك فقال أفعل فخرجت حتى دخلت مكة فسمعت حين دخلت مكة مثل ما سمعت تلك الليلة فسألت عنه فقالوا فلان نكح فلانة فجلست أنظر فضرب الله على أذني فما أيقظني إلا مس الشمس فخرجت إلى صاحبي فأخبرته الخبر ثم ما هممت بسوء حتى أكرمني الله تعالى برسالته " . قال الحافظ أب الفضل : وكان هذا قبل النبوة والرسالة ونزول الأحكام والفرق بين الحلال والحرام ، فإن الشرع لما ورد أمره الله تعالى بالإبلاغ والإنذار فأقره على ما كان عليه في الجاهلية ولم يحرمه كما حرم غيره . قال : والدليل على أنه باق على الإباحة قول الله عز وجل : " وإذا رأوا تجارة

الصفحة 144