كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 145 """"""
أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً قل ما عند الله خير من اللهو والتجارة والله خير الرازقين " . ثم بين الدليل على ذلك بما رواه بسنده إلى جابر قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يخطب قائماً ، ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائماً ، يخطب خطبتين . فكانت الجواري إذا أنكحوهن يمرون فيضربون بالدف والمزامير فيتسلل الناس ويدعون رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قائماً ، فعاتبهم الله عز جل بقوله : " وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً " . وقال : هذا حديث صحيح أخرجه مسلم في كتابه عن عبد اله بن حميد عن خالد بن مخلد عن سليمان بن بلال . والله عز وجل عطف اللهو على التجارة وحكم المعطوف حكم ما عطف عليه ، والإجماع على تحليل التجارة ، فثبت أن هذا الحكم مما أقره الشرع على ما كان عليه في الجاهلية لأنه غير محتمل أن يكون رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حرمه ، ثم يمر به على باب المسجد يوم الجمعة ثم يعاتب الله عز وجل من ترك رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) قائماً ثم خرج ينظر إليه ويستمع . لم ينزل في تحريمه آية لا سن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) سنة ، فعلمنا بذلك بقاءه على حاله .
قال : ويزيد ذلك بياناً ووضوحاً حديث عائشة رضي الله عنها في المرأة التي زفتها وقد تقدم ذكر الحديث . وروي أيضاً بسند رفعه عن زوج درة بنت أبي لهب قال : دخل على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حين تزوجت درة فقال : " هل من لهو " .
ذكر ما ورد في توهين ما استدلوا به على تحريم الغناء والسماع
قد ذكر الحافظ أبو الفضل المقدسي رحمه الله تعالى الأحاديث التي استدلوا بها على تحريمه وفسروا بها الآيات والأحاديث التي استدلوا بها على تحريمه مما قدمنا ذكر ذلك في حججهم ومما لم نذكره مما يستدل به على تحريمه وكراهته وضعف رجالها . وتكلم الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله أيضاً في ذلك ووهن احتجاجهم إذا ثبت الحديث على ما نذكر ذلك .

الصفحة 145