كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 147 """"""
الناس من يشتري لهو الحديث " هو الغناء ، ويقول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " أما كان معكن لهو فإن الأنصار يعجبهم اللهو " .
وقال أحمد بن حنبل رحمه الله : ثلاثة ليس لها أصل : المغازي ، والملاحم ، والتفسير .
وقال أبو حاتم محمد بن حسان في كتاب الضعفاء : الله عز وجل يؤتي رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) تفسير كلامه وتأويل ما أنزل عليه حيث قال : " وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم " .
ومن المخل المحال أن يأمر الله تعالى نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) أن يبين لخلقه مراده حيث جعله موضع الإبانة عن كلامه ومفسراً لهم حتى يفهموا مراد الله عز وجل فلا يفعل ذلك رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، بل أبان مراد الله عز وجل من الآي وفسر لأمته ، ما تهم الحاجة إليه ، وبين سنته ( صلى الله عليه وسلم ) . فمن تتبع السنن وحفظها وأحكمها فقد عرف تفسير كتاب الله عز وجل وأغناه لله تعالى عن الكلبي وذويه ، وما لم يبين رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لأمته في معاني الآي التي أنزلت عليه مع أمر الله عز وجل له بلك جاز ذلك كان لمن بعده من أمته أجوز ، وترك التفسير لما تركه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أحرى .
قال : ومن أعظم الدلائل على أن الله تعالى لم يرد بقوله : " لتبين للناس ما نزل إليهم " القرآن كله أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) نزل عليه من الكتاب متشابه من الآي . فالآيات التي ليس فيها أحكام لم يبين كيفيتها لأمته . فلما فعل ذلك رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) دل ذلك على أن المراد من قوله تعالى : " لتبين للناس ما نزل إليهم " كان بعض القرآن لا الكل .
وقال الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله في هذه الآية : وأما شراء لهو الحديث بالدين استبدالاً به ليضل به عن سبيل الله فهو حرام مذموم ، وليس النزاع فيه . وليس كل غناء بدلاً عن الدين مشترى به ومضلاً عن سبيل الله وهو المراد ف الآية ، ولو قرأ القرآن : ليضل به عن سبيل الله لكان حراماً .
حكي عن بعض المنافقين : أنه كان يؤتم الناس ولا يقرأ إلا سورة " عبس " لما فيها من العتاب مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فهم عمر بقتله ورأى فعله حراماً لما فيه من الإضلال فالإضلال بالشعر والغناء أولى بالتحريم .

الصفحة 147