كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 148 """"""
وقال الثعلبي في أحد أقواله عن تفسير هذه الآية عن الكلبي ومقاتل : نزلت في النضير بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد الدار بن قصي ، كان يتجر فيخرج إلى فارس فيشتري أخبار الأعاجم فيرويها ويحدث بها قريشاً ويقول : إن محمداً يحدثكم بحديث عاد وثمود وأنا أحدثكم بحديث رستم واسفنديار وأخبار الأكاسرة فيستملحون حديثه ويتركون استماع القرآن . واحتجوا بقوله تعالى : " أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون " قال ابن عباس : هو الغناء بلغة حمير ، يعني - السمود - قال الغزالي رحمه الله : فنقول ينبغي أن يحرم الضحك وعدم البكاء أيضاً ، لأن الآية تشتمل عليه ، فإن قيل : إن ذلك مخصوص بالضحك على المسلمين لإسلامهم فهذا أيضاً مخصوص بأشعارهم وغنائهم في معرض الاستهزاء بالمسلمين كما قال تعالى : " والشعراء يتبعهم الغاوون " وأراد به شعراء الكفار ولم يدل ذلك على تحريم نظم الشعر في نفسه .
واحتجوا بقوله تعالى : " والذين هم عن اللغو معرضون " . قال الثعلبي : قال الحسن ، عن المعاصي . وقال ابن عباس : الحلف الكاذب . وقال مقاتل : الشتم والأذى . وقال غيرهم : ما لا يحل من القول والفعل . قال : وقيل اللغو الذي لا فائدة فيه .
واحتجوا بقوله تعالى : " وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه " . قال الثعلبي : أي القبيح من القول . وبقوله تعالى : " وإذا مروا باللغو مروا كراماً " . قال مقاتل : إذا سمعوا من الكفار الشتم والأذى أعرضوا وصفحوا ، وبقوله : " واستفزز من استطعت منهم بصوتك " . قال ابن عباس ومجاهد وقتادة : بدعائك إلى معصية الله تعالى . وكل داع إلى معصية الله تعالى من جنود إبليس .
وأما ما احتجوا به من الحديث فإنهم احتجوا بحديث روي عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " لا يحل بيع المغنيات ولا شراؤهن ولا تحل التجارة فيهن وأثمانهن حرام والاستماع إليهن حرام " . قال الحافظ أبو الفض المقدسي رحمه الله : هذا حديث رواه عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة ، قال : والصحابة كلهم عدول . وأما عبيد الله بن زحر وعلي والقسم فهم في الرواية سواء لا يحتج بحديث واحد منهم إذا انفرد بالرواية عن ثقة فكيف

الصفحة 148