كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 154 """"""
يقول : " الغناء ينبت النفاق في القلب " هكذا رواه سلام عن شيخ مجهول لا يعرف . ورواه جرير بن عبد الحميد عن ليث بن أبي سليم عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن عبد الله بن مسعود وقوله ، ولم يذكر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) . ورواه الثقات عن شعبة بن الحجاج عن مغيرة عن إبراهيم ، قوله ، ولم يذكر أحداً تقدمه فيه وهذا أصح الأقاويل فيه من قول إبراهيم . قال الغزالي رحمه الله تعالى : قول ابن مسعود : ينبت النفاق أراد به في حق المغني فإنه في حقه ينبت النفاق إذا غرضه كله أن يعرض نفسه على غيره ويروج صوته عليه ، ولا يزال ينافق ويتودد إلى الناس ليرغبوا في غنائه ، وذلك أيضاً لا يوجب تحريماً ، فإن لبس الثياب الجميلة وركوب الخيل المهملجة وسائر أنواع الزينة والتفاخر بالحرث والأنعام والزرع ينبت الرياء والنفاق في القلب المعاصي فقط . بل المباحات التي هي مواقع نظر الخلق أكثر تأثيراً . ولذلك نزل ابن عمر رضي الله عنهما عن فرس هملج تحته وقطع ذنبه لأنه استشعر في نفسه الخيلاء لحسن مشيته ، فهذا النفاق من المباحات .
واحتجوا بحديث روي عن صفوان بن أمية قال : كنا جلوساً عند رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إذ جاءه عمرو بن قرة فقال : يا نبي الله إن الله عز وجل كتب علي الشقوة ولا أراني أرزق إلا من دفي بكفي أفتأذن لي في الغناء من غير فاحشة ؟ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " لا إذن ولا كرامة ولا نعمة " وذكر حديثاً طويلاً ، وهو حديث رواه عبد الرزاق بن همام الصنعاني عن يحيى بن العلاء عن بشر بن نمير عن مكحول قال : حدثني يزيد بن عبد الملك عن صفوان بن أمية .
ويحيى بن العلاء هذا مدني الأصل رازي . قال يحيى بن معين : يكنى أبا عمرو ليس بثقة . وقال عمرو بن علي الصيرفي : يحيى بن العلاء متروك الحديث والله أعلم .
واحتجوا بما روي عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنه نهى عن ثمن الكلب وكسب الزمارة ، وهو حديث نقله سليمان بن أبي سليمان الداودي البصري عن محمد بن بشر عن أبي هريرة . وسليمان هذا متروك الحديث غير ثقة .