كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 156 """"""
التي أمر الله عز وجل عباده فيها بذكره كأيام التشريق . ولم يزل أهل المدينة ومكة مواظبين على السماع إلى زماننا هذا فأدركنا أبا مروان القاضي وله جوار يسمعن الناس التلحين قد أعدهن للصوفية . قال : وكان لعطاء جاريتان تلحنان وكان إخوانه يستمعون إليهما . قال : وقيل لأبي الحسن بن سالم : كيف تنكر السماع وقد كان الجنيد وسري السقطي وذو النون يسمعون فقال : كيف أنكر السماع وأجازه وسمعه من هو خير مني . وقد كان عبد الله بن جعفر الطيار يسمع . وإنما أنكر اللهو واللعب في السماع .
وروي عن يحيى بن معاذ أنه قال : فقدنا ثلاثة أشياء فلا نراها ولا أراها تزداد إلا قلة : حسن الوجه مع الصيانة ، وحسن القول مع الديانة ، وحسن الإخاء مع الوفاء .
قال الغزالي : ورأيت في بعض الكتب هذا بعينه محكياً عن المحاسبي وفيه ما يدل على تجويزه السماع مع زهده وتصاونه وجده في الدين وتشميره .
وحكي عن ممشاد الدينوري أنه قال : رأيت النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في النوم فقلت : يا رسول الله ، هل تنكر من هذا السماع شيئاً ؟ فقال : " ما أنكر منه شيئاً ولكن قل لهم يفتتحون قبله بالقرآن ويختتمون بعده بالقرآن " . قال الغزالي : وعن ابن جريح أنه كان يرخص في السماع فقيل له : تقدمه يوم القيامة في جملة حسناتك أو سيئاتك ؟ فقال : لا في الحسنات ولا في السيئات لأنه شبيه باللغو ، قال الله تعالى : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم " ، ثم بين الغزالي رحمه الله الدليل على إباحة