كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 162 """"""
الثاني : ما يعتاده الغزاة لتحريض الناس على الغزو وهو مباح أيضاً لما فيه من استثارة النفس وتحريكها على الغزو وإثارة الغضب على الكفار وتحسين الشجاعة وتقبيح الفرار .
الثالث : ما يرتجزه الشجعان عند اللقاء في الحرب وهو مباح ومندوب لما فيه من تشجيع النفس وتحريك النشاط للقتال والتمدح بالشجاعة والنجدة وقد فعله غير واحد من الصحابة رضوان الله عليهم ، منهم علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد وغيرهما .
الرابع : أصوات النياحة ونغماتها وتأثيرها في تهييج البكاء وملازمة الحزن والكآبة وهذا قسمان : محمود ومذموم .
فأما المذموم فالحزن على ما فات . قال الله تبارك وتعالى : " لكيلا تأسوا على ما فاتكم " . والحزن على الأموات من هذا القبيل فإنه يغضب الله جل جلاله وتأسف على ما لا تدارك فيه .
وأما المحمود فهو حزن الإنسان على تقصيره في أمر دينه وبكاؤه على خطاياه . والبكاء والتباكي والحزن والتحازن على ذلك محمود لأنه يبعث على التشمير للتدارك . ولذلك كانت نياحة داود عليه السلام محمودة ، فقد كان يحزن ويحزن ويبكي ويبكي حتى كانت الجنائز ترفع من مجالس نياحته وكان يفعل ذلك بألفاظه وألحانه ، وذلك محمود لأن المفضي إلى المحمود محمود . وعلى هذا لا يحرم على الواعظ الطيب الصوت أن ينشد على المنبر بألحانه الأشعار المحزنة المرققة للقلب ولا أن يبكي ويتباكى ليتوصل به إلى بكاء غيره وإثارة حزنه .
الخامس : السماع في أقوات السرور تأكيداً للسرور وتهييجاً له إن كان ذلك السرور مباحاً كالغناء في أيام العيد وفي العرس وفي وقت قدوم الغائب ووقت الوليمة

الصفحة 162