كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 163 """"""
والعقيقة وعند الولادة والختان وعند حفظ القرآن ، وكان ذلك معتاد لأجل إظهار السرور . قال : ووجه جوازه أن من الألحان ما يثير الفرح والسرور والطرب وكل ما جاز السرور به جاز إثارة السرور فيه ، ويدل على هذا إنشادهم بالدف والألحان عند مقدم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) يقولون :
طلع البدر علينا . . . من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا . . . ما دعا لله داعي
فإظهار السرور بالنغمات والشعر والرقص والحركات محمود . فقد نقل عن جماعة من الصحابة أنهم حجلوا في سرور أصابهم كما سيأتي في أحكام في أحكام الرقص وهو جائز في قدوم كل غائب وكل ما يجوز الفرح به شرعاً . ويجوز الفرح بزيارة الإخوان ولقائهم واجتماعهم في موضع واحد على طعام أو كلام .
السادس : سماع العشاق تحريكاً للشوق وتهييجاً للعشق وتسلية للنفس ، فإن كان في حال مشاهدة المعشوق فالغرض تأكيد اللذة ، وإن كان مع المفارقة فالغرض تهييج الشوق . وإن كان مؤلماً ففيه نوع لذة إذا انضاف إليه رجاء الوصال ، فإن الرجاء لذيذ واليأس مؤلم ، وقوة لذة الرجاء بحسب قوة الشوق والحب للشيء المرجو ، ففي هذا السماع تهييج للعشق وتحريك للشوق وتحصيل للذة الرجاء المقدر في الوصال مع الإطناب في وصف حسن المحبوب . قال : وهذا حلال إن الكان المشتاق إليه ممن يباح وصاله كمن يعشق زوجته أو سريته فيصغي فيصغي إلى غنائها لتتضاعف لذته في لقائها ، فيحظى بالمشاهدة البصر وبالسماع الأذن ويفهم لطائف معاني الوصال والفراق القلب ، فتترادف أسباب اللذة . فهذا نوع تمتع من جملة مباحات الدنيا ومتاعها ، وما متاع الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وهذا منه . وكذلك إن غصبت منه جارية أو حيل بينه وبينها بسبب من الأسباب فله أن يحرك بالسماع شوقه وأن يستثير به لذة رجاء الوصال . فإن باعها أو طلقها حرم

الصفحة 163