كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 165 """"""
أحدهما : أن الخلوة بالأجنبية والنظر إلى وجهها حرام سواء خيفت منها الفتنة أو لم تخف لأنها مظنة الفتنة على الجملة . فقضى الشرع بحسم الباب من غير التفات إلى الصورة .
والثاني : أن النظر إلى الصبيان مباح إلا عند خوف الفتنة فلا يلحق الصبيان بالنساء في عموم الحسم بل ينبغي أن يفصل في الحال . وصوت المرأة دائر بين هذين الأصلين ، فإن قسناه على النظر إليها وجب حسم الباب وهو قياس قريب ، ولكن بينهما فرق إذ الشهوة تدعو إلى النظر في أول هيجانها ولا تدعو إلى سماع الصوت . وليس تحريك النظر لشهوة المماسة كتحريك السماع بل هو أشد . وصوت المرأة في غير الغناء ليس بعورة ولكن للغناء مزيد أثر في تحريك الشهوة ، فقياس هذا على النظر إلى الصبيان أولى لأنهم لم يؤمروا بالاحتجاب كما لم تؤمر النساء بستر الأصوات ، فينبغي أن يتبع مثار الفتن ويقصر التحريم عليه ، هذا هو الأقيس عندي . قال : ويتأيد بحديث الجاريتين المغنيتين في بيت عائشة رضي الله عنها إذ يعلم أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) كان يسمع صوتهما ولم يحترز عه ولكن لم تكن الفتنة مخوفة عليه فلذلك لم يحترز . فإذاً يختلف هذا بأحوال المرأة وأحوال الرجل في كونه شاباً وشيخاً ولا يبعد أن يختلف الأمر في مثل هذا بالأحوال . فإنا نقول : للشيخ أن يقبل زوجته وهو صائم وليس للشاب ذلك . والقبلة تدعو إلى الوقاع في الصوم وهو المحظور . والسماع يدعو إلى النظر والمقاربة وهو حرام ، فيختلف ذلك أيضاً بالأشخاص .
العارض الثاني : في الآلة بأن تكون من شعائر أهل الشرب أو المخنثين وهي المزامير والأوتار وطبل الكوبة ، فهذه ثلاثة أنواع وما عدا ذلك يبقى على أصل الإباحة كالدف وإن كان فيه الجلاجل وكالطبل والشاهين والضرب بالقضيب وسائر الآلات .