كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 167 """"""
أسلحته وتشحيذ سيوفه وأسنته ، والسماع مشحذ لأسلحة جند الشيطان في حق مثل هذا الشخص . فليخرج مثل عن جميع السماع فإنه يستضريه والله أعلم .
العارض الخامس : أن يكون الشخص من عوام الخلق ولم يغلب عليه حب الله فيكون السماع له محبوباً ولا غلبت عليه الشهوة فيكون في حقه محظوراً ، ولكنه أبيح في حقه كسائر أنواع اللذات المباحة إلا أنه اتخذه ديدنه وهجيراه وقصر عليه أكثر أوقاته ، فهذا هو السفيه الذي ترد شهادته فإن المواظبة على اللهو جناية . وكما أن الصغيرة بالإصرار والمداومة تصير كبيرة ، فبعض المباحات بالمداومة يصير صغيرة وهو كالمواظبة على متابعة الزنوج والحبشة والنظر إلى لعبهم على الدوام فإنه ممنوع وإن لم يكن أصله ممنوعاً إذا فعله رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) . ومن هذا القبيل اللعب بالشطرنج فإنه مباح ، ولكن المواظبة عليه مكروهة كراهة شديدة ، ومهما كان الغرض معالجة له في بعض الأوقات لتنبعث دواعيه . هذا ملخص ما أورده في أقسام السماع وبواعثه ومقتضياته ، ثم ذكر بعد ذلك آثار السماع وآدابه .
ذكر آثار السماع وآدابه
قال أبو حامد رحمه الله : اعلم أن أول درجة السماع فهم المسموع وتنزيله على معنى يقع للمستمع ثم يثمر الفهم الوجد . وثمر الوجد الحركة بالجوارح . فلينظر إلى هذه المقامات الثلاثة : المقام الأول : في الفهم ، وهو مختلف باختلاف أحوال المستمع . وللمستمع أربعة أحوال : إحداها : أن يكون سماعه بمجرد الطبع أي لاحظ له في السماع إلا استلذاذ الألحان والنغمات فهذا مباح وهو أخس رتب السماع ، إذ الإبل شريكة له فيه وكذا سائر البهائم . ولكل حيوان نوع تلذذ بالأصوات الطيبة .