كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 170 """"""
الحاضر فيها . وكذلك الزجاجة فإنها تحكي لون قرارها ولونها لون الحاضر فياه وليس لها في نفسها صورة بل صورتها قبول صورتها قبول الصور ولونها هو هيئة الاستعداد لقبول الألوان . قال : وهذه مغاصة من مغاصات علوم المكاشفة منها نشأ خيال من ادعى الحلول والاتحاد . هذا ملخص ما أورده في مقام الفهم والله سبحانه وتعالى أعلم .
المقام الثاني : بعد الفهم والتنزيل الوجد .
قال الإمام الغزالي رحمه الله تعالى : وللناس كلام طويل في حقيقة الوجد أعني الصوفية والحكماء الناظرين في وجه مناسبة السماع للأرواح فلننقل من أقوالهم ألفاظاً ثم لنكشف عن الحقيقة فيه . أما الصوفية ، فقد قال ذو النون المصري رحمه الله في السماع : إنه وارد حق جاء يزعج القلوب إلى الحق ، فمن أصغى إليه بحق تحقق ، ومن أصغى إليه بنفس تزندق . فكأنه عبر عن الوجد بانزعاج القلوب إلى الحق وهو الذي يجده عند ورود وارد السماع ، إذ سمي السماع وارد حق . وقال أبو الحسين الدراج مخبراً عما وجده في السماع : والوجد عبارة عما يوجد عند السماع ، وقال : جال بي السماع في ميادين البهاء ، فأوجدني الحق عند العطاء ، فسقاني بكأس الصفاء ، فأدركت به منازل الرضاء ، وأخرجني إلى رياض النزهة والفضاء .
وقال الشبلي : السماع ظاهره فتنة وباطنه عبرة ، فمن عرف الإشارة حل له استماع العبرة وإلا فقد استدعى الفتنة وتعرض للبلية . وأقوال الصوفية في هذا النوع كثيرة .