كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 196 """"""
وروى أبو الفرج الأصفهاني عن جعفر بن سليمان الهاشمي قال : حدثنا إبراهيم أبن المهدي قال : دخلت يوما على الرشيد وبي فضلة خمارٍ وبين يديه أبن جامع وإبراهيم الموصلي فقال : بحياتي يا إبراهيم غن ، فأخذت العود ولم ألتفت إليهما لما في رأسي من الفضلة فغنيت :
أسرى بخالدة الخيال ولا أرى . . . شيئا ألذّ من الخيال الطارق
إن البليّة من تملّ حديثه . . . فأنقع فؤادك من حديث الوامق
أهواك فوق هوى النفوس ولم يزل . . . مذ بنت قلبي كالجناح الخافق
شوقاً إليك ولم تجاز مودّتي . . . ليس المكذّب كالحبيب الصادق
فسمعت إبراهيم يقول لأبن جامع : لو طلب هذا بهذا الغناء ما نطلب لما أكلنا خبزاً أبدا فقال أبن جامع : صدقت ، فلما فرغت من غنائي وضعت العود ثم قلت : خذا في حقكما ودعا باطلنا .
وروى عن إبراهيم قال : كان الرشيد يحب أن يسمعني فخلا بي مرات إلى أن سمعني ، ثم حضرته مرةً وعنده سليمان بن أبي جعفر فقال لي : عمك وسيد ولد المنصور بعد أبيك وقد أحب أن يسمعك ، فلم يتركني حتى غنيت بين يديه :
سقياً لربعك من ربعٍ بذي سلمٍ . . . وللزمان به إذ ذاك من زمن
إذ أنت فينا لمن ينهاك عاصيةٌ . . . وإذ أجرّ إليكم سادراً رسني
فأمر لي بألف ألف درهم ، ثم قال لي ليلةً ولم يبق في المجلس عنده إلا جعفر أبن يحيى : أنا أحب أن تشرف جعفراً بأن تغنيه صوتا فغنيته لحنا صنعته في شعر الدارمي :
كأنّ صورتها في الوصف إذ وصفت . . . دينار عينٍ من المضروبة العتق

الصفحة 196