كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 200 """"""
ولم ينبعثوا إلى شيءٍ . فلا برهان أقوى من هذا في مثل هذا من شهادة الفطن به وأتفاق الطبائع مع أختلافها وتشعب طرقها على الميل إليه والانقياد نحوه .
ولإبراهيم بن المهدي أصوات معروفة . منها ما غناه بشعر مروان بن أبي حفصة :
هل تطمسون من السماء نجومها . . . بأكفّكم أو تسترون هلالها
أو تدفعون مقالةً من ربكم . . . جبريل بلّغها النبيّ فقالها
طرقتك زائرةٌ فحيّ خيالها . . . زهراء تخلط بالدّلال جمالها
وأما علية بنت المهدي ، فقد قيل : ما أجتمع في جاهليةٍ ولا إسلامٍ أخٌ وأخت أحسن غناء من إبراهيم بن المهدي وأخته علية . وروى عن أبي أحمد ابن الرشيد قال : كنت يوما بحضرة المأمون وهو يشرب ، ثم قام وقال لي : قم ؛ فدخل دار الحرم ودخلت معه ، فسمعت غناءً أذهل عقلي ولم أقدر أن أتقدم ولا أتأخر ؛ وفطن المأمون لما بي فضحك وقال : هذه عمتك علية تطارح عمك إبراهيم .
قال أبو الفرج : وأم علية أم ولدٍ مغنية يقال لها مكنونة ، كانت من جواري المروانية المغنية . والمروانية هذه ليست من آل مروان بن الحكم ، وإنما هي زوجة الحسن بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس . وكانت مكنونة من أحسن جواري المدينة وجهاً ، وكانت رسحاء ، وكانت حسنة البطن والصدر . فاشتريت للمهدي في حياة أبيه بمائة ألف درهم ؛ فغلبت عليه حتى كانت الخيزران تقول : ما ملك أمةً أغلظ علي منها . ولما أشتريت للمهدي ستر أمرها عن أبيه المنصور حتى مات ، وولدت للمهدي علية هذه .