كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 202 """"""
قالت وقد عزّ الوصا . . . ل ولم أجد لي مذهبا
والله لا نلت المودّة . . . أو تنال الكوكبا
فصحفت أسمه في قولها : زينبا ؛ وهذا من الجناس الخطي . قال : وكانت لأم جعفر جارية يقال لها طغيان ، فوشت بعلية إلى رشأ وحكت عنها ما لم تقل . فقالت علية :
لطغيان خفٌّ مذ ثلاثين حجّةً . . . جديدٌ فلا يبلي ولا يتخرّق
وكيف بلى خفٍّ هو الدهر كلّه . . . على قدميها في السماء معلّق
فما خرقت خفّاً ولم تبل جورباً . . . وأمّا سراويلاتها فتمزّق
وروى عن أبي هفان قال : أهديت للرشيد جاريةٌ في غاية الجمال ؛ فخلا معها يوما وأخرج كل قينة في داره وأصطبح . وكان من حضر من جواريه الغناء والخدمة في الشراب زهاء ألفي جارية في أحسن زيٍ من كل نوعٍ من أنواع الثياب والجوهر . وأتصل الخبر بأم جعفر فعظم عليها ذلك ؛ فأرسلت إلى علية تشكو إليها . فأرسلت إليها علية : لا يهولنك هذا ، والله لأردنه إليك . قد عزمت أن أضع شعراً وأصوغ فيه لحناً وأطرحه على جواري ، فلا تبقي عندك جاريةً إلا بعثت بها إلي وألبسيهن أنواع الثياب ليأخذن الصوت مع جواري ؛ ففعلت أم جعفر ما أمرتها به . فلما جاء وقت صلاة العصر لم يشعر الرشيد إلا وعلية وأم جعفر قد خرجتا إليه من حجرتيهما معهما زهاء ألفي جارية من جواريهما وسائر جواري القصر عليهن غرائب اللباس وكلهن في لحن واحد هزجٍ صنعته علية وهو :
منفصلٌ عنّي وما . . . قلبي عنه منفصل
يا هاجري اليوم لمن . . . نويت بعدي أن تصل
فطرب الرشيد وقام على رجليه حتى أستقبل أم جعفر وعلية وهو على غاية السرور ، وقال : لم أر كاليوم قط . يا مسرور ، لا تبقين في بيت المال درهماً إلا نثرته . فكان ما نثر يومئذ ستة آلاف ألف درهم ، وما سمع بمثل ذلك اليوم .

الصفحة 202