كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 203 """"""
وروى عن عريب أنها قالت : أحسن يوم رأيته في الدنيا وأطيبه يوم أجتمعت فيه مع إبراهيم بن المهدي عند أخته علية وعندها أخوهما يعقوب بن المهدي ، وكان أحذق الناس بالزمر . فبدأت علية فغنت من صنعتها وأخوها يعقوب يزمر عليها :
تحبّب فإنّ داعية الحبّ . . . وكم من بعيد الدار مستوجب القرب
تبصّر فإن حدّثت أنّ أخا هوىً . . . نجا سالماً فارج النجاة من الحبّ
إذا لم يكن في الحبّ سخطٌ ولا رضاً . . . فأين حلاوات الرسائل والكتب
وغنى إبراهيم في صنعته وزمر عليه يعقوب :
لم ينسنيك سرورٌ لا ولا حزن . . . وكيف لا ، كيف ينسي وجهك الحسن
ولا خلا منك قلبي لا ولا جسدي . . . كلّي بكلّك مشغولٌ ومرتهن
يا فردة الحسن مالي منك مذ كلفت . . . نفسي بحبّك إلاّ الهمّ والحزن
نورٌ تولّد من شمسٍ ومن قمرٍ . . . حتى تكامل فيك الروح والبدن
قالت عريب : فما سمعت مثل ما سمعت منها قط وأعلم أني لا أسمع مثله أبدا .
وروى عن خشف الواضحية قالت : تماريت أنا وعريب في غناء علية بحضرة المتوكل أو غيره من الخلفاء . فقلت أنا : هي ثلاثة وسبعون صوتا ، وقالت عريب : هي أثنان وسبعون صوتا . فقال المتوكل : غنيا غناءها ؛ فلم أزل أغني غناءها حتى مضى أثنان وسبعون صوتا ، ولم أدر الثالث والسبعين . قالت : فقطع بي وأستعلت عريب وأنكسرت . قالت خشف : فلما كان الليل رأيت علية فيما يرى النائم ، فقالت : يا خشف خالفتك عريب في غنائي . قلت : نعم يا سيدتي . قالت : الصواب معك ، أفتدرين ما الصوت الذي أنسيتيه ؟ قلت : لا والله ، ولوددت أني فديت ما جرى بجميع ما أملك . قالت : هو :
بني الحبّ على الجور فلو . . . أنصف المعشوق فيه لسمج
ليس يستحسن في وصف الهوى . . . عاشقٌ يعرف تأليف الحجج
وقليل الحبّ صرفاً خالصاً . . . لك خيرٌ من كثيرٍ قد مزج

الصفحة 203