كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 206 """"""
وأطار السهاد نو . . . مي فنومي مشّرد
أنت بالحسن منك يا . . . حسن الوجه يشهد
وفؤادي بحسن وجهك . . . يشقى ويكمد
وله غير هذا من الأصوات . قال : وكان كثير البسط والمجون والعبث . وكان المأمون أشد الناس حبا له ، وكان يعده للأمر بعده ويذكر ذلك كثيرا . حتى لقد حكي عنه أنه قال يوما : إنه ليسهل علي أمر الموت وفقد الملك ، ولا يسهل شيء منهما على أحد ؛ وذلك لمحبتي أن يلي أبو عيسى الأمر بعدي لشدة حبي إياه . وكانت وفاة أبي عيسى في سنة سبع ومائتين . روى عن عبد الله بن طاهر قال : حدثني من شهد المأمون ليلةً وهم يتراءون هلال شهر رمضان وأبو عيسى أخوه معه وهو مستلقٍ على قفاه ، فرأوه وجعلوا يدعون . فقال أبو عيسى قولا أنكر عليه ؛ كأنه يسخط لورود الشهر ، فما صام بعده . ونقل عنه أنه قال :
دهاني شهر الصوم لا كان من شهر . . . ولا صمت شهراً بعده آخر الدهر
فلو كان يعديني الإمام بقدرةٍ . . . على الشهر لأستعديت جهدي على الشهر
فناله بعقب هذا القول صرعٌ ، فكان يصرع في اليوم مرات حتى مات . ولما مات وجد المأمون عليه وجدا شديدا .
روى عن محمد بن عباد المهلبي قال : لما مات أبو عيسى بن الرشيد دخلت على المأمون فخلعت عمامتي ونبذتها ورائي والخلفاء لا تعزى في العمائم فقال لي : يا محمد ، حال القدر ، دون الوطر . فقلت : يا أمير المؤمنين ، كل مصيبة أخطأتك شوى ، فجعل الله الحزن

الصفحة 206