كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 208 """"""
فبكى ساعة ، ثم ألتفت إلى عمرو بن مسعدة فقال : هيه يا عمرو فقال : نعم يا أمير المؤمنين .
بكّوا حذيفة لم تبكّوا مثله . . . حتى تعود قبائلٌ لم تخلق
قال : فإذا عريب وجوارٍ معها يسمعن ما يدور بيننا ؛ فقالت : اجعلوا لنا معكم في القول نصيبا . فقال المأمون : قولي ، فرب صوابٍ منك كثير . فقالت :
كذا فليجلّ الخطب وليفدح الأمر . . . فليس لعينٍ لم يفض ماؤها عذر
كأنّ بني العبّاس يوم وفاته . . . نجوم سماءٍ خرّ من بينها البدر
فبكى وبكينا . ثم قال لها المأمون : نوحي ، فناحت ورد عليها الجواري . فبكى المأمون حتى قلت : قد فاضت نفسه وبكينا معه أحر بكاء ، ثم أمسكت . فقال المأمون : أصنعي فيه لحناً على مذهب النّوح وغنى به ؛ ففعلت وغنته إياه على العود . فوالذي لا يحلف بأعظم منه لقد بكينا عليه غناءً أكثر مما بكينا عليه نوحا .
ومنهم عبد الله بن موسى الهادي . قال أبو الفرج : كان له في الغناء صنعة حسنة ، وله أصوات مذكورة ، منها قوله :
تقاضاك دهرك ما أسلفا . . . وكدّر عيشك بعد الصّفا
فلا تجزعنّ فإن الزمان . . . رهينٌ بتشتيت ما ألفّا
ولما رآك قليل الهموم . . . كثير الهوى ناعماً مترفا
ألحّ عليك بروعاته . . . وأقبل يرميك مستهدفا