كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 212 """"""
الصنعة . فمنها قوله في شعر علي بن الجهم :
هي النفس ما حمّلتها تتحمّل . . . وللدهر أيّامٌ تجور وتعدل
وعاقبة الصبر الجميل جميلةٌ . . . وأفضل أخلاق الرجال التجمّل قال أبو الفرج الأصفهاني : وهو لعمري من جيد الغناء وفاخر الصنعة ، ولو لم يصنع غيره لكفي .
ومنهم عبد الله بن المعتز . هو أبو العباس عبد الله بن المعتز بالله العباسي . قد وصفه أبو الفرج الأصفهاني فقال : وأمره مع قرب عهده بعصرنا مشهورٌ في فضائله وأدبه شهرةً يشترك في أكثرها الخاص والعام ، وشعره وإن كان فيه رقة الملوكية وغزل الظرفاء وهلهلة المحدثين ، فإن فيه أشياء كثيرة تجري في أسلوب المجيدين ، ولا تقصر عن مدى السابقين وأشياء ظريفة من أشعار الملوك في جنس ما هم بسبيله ، ليس عليه أن يتشبه فيها بفحول الجاهلية . وأطنب في وصفه وتقريظه ، وهو فوق ما قال . ثم قال : وكان عبد الله حسن العلم بصناعة الموسيقي والكلام على النغم وعللها ؛ وله في ذلك وفي غيره من الآداب كتب مشهورة ومراسلات جرت بينه وبين عبيد الله أبن عبد الله بن طاهر وبين بني حمدون وغيرهم تدل على فضله وغزارة أدبه . وذكر منها شيئا ليس هذا موضع إيراده . ثم قال : ومن صنعة عبد الله بن المعتز في شعره :
هل ترجعنّ ليالٍ قد مضين لنا . . . والدار جامعةٌ أزمان أزمانا
قال أبو الفرج : ومن صنعته الظريفة الشكل مع جودتها :
وابلائي من محضرٍ ومغيب . . . وحبيبٍ منى بعيدٍ قريب
لم ترد ماء وجهه العين إلا . . . شرقت قبل يّها برقيب

الصفحة 212