كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 215 """"""
فقال سالم : أما والله لولا أن تداوله الرواة لأجزلت جائزتك ، فلك من هذا الأمر مكانٌ . ومنهم إبراهيم بن سعد . هو أبو إسحاق إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري . كان من العلماء الثقات المحدثين . سمع أباه وأبن شهاب الزهري وهشام بن عروة وصالح بن كيسان ومحمد بن إسحاق بن يسار . روى عنه يزيد بن عبد الله بن الهاد وشعبة بن الحجاج والليث بن سعد ، وأبناه يعقوب وسعد أبنا إبراهيم وعبد الرحمن بن مهدي ويزيد بن هارون ويونس المؤدب وأبو داود الطيالسي وسليمان بن داود الهاشمي وعبد العزيز الآدمي وعلي بن الجعد ومحمد بن جعفر الوركاني وأحمد بن حنبل وغيرهم . كان يبيح السماع ويضرب بالعود ويغني عليه . وله في ذلك قصة رواها أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي بسند رفعه إلى سعيد بن كثير بن عفير قال : قدم إبراهيم بن سعد الزهري العراق سنة أربع وثمانين ومائة ، فأكرمه الرشيد وأظهر بره . وسئل عن الغناء فأفتى بتحليله ؛ فأتاه بعض أهل الحديث ليسمع منه أحاديث الزهري ، فسمعه يتغنى ، فقال : لقد كنت حريصاً على أن أسمع منك ، فأما الآن فلا سمعت منك حديثا ابدا . قال : إذاً لا أفقد إلا شخصك . علي وعلي ألا أحدث ببغداد ما أقمت حديثاً واحداً حتى أغني قبله . وشاعت هذه الحكاية ببغداد ، فبلغت الرشيد ، فدعا به فسأله عن حديث المخزومية التي قطعها النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في سرقة الحلي ؛ فدعا بعود . فقال الشيد : أعود المجمر ؟ قال : لا ولكن عود الطرب ، فتبسم . ففهمها إبراهيم بن سعد فقال : لعلك بلغك يا أمير المؤمنين حديث السفيه الذي آذاني بالأمس وألجأني إلى أن حلفت . قال نعم . فدعا له الرشيد بعود فأخذه وغنى :
يا أمّ طلحة إنّ البين قد أفدا . . . ملّ الثّواء لأن كان الرحيل غدا
فقال له الرشيد : من كان من فقهائكم ينكر السماع ؟ قال : من ربط الله على قلبه . قال : فهل بلغك عن مالك في هذا شيء ؟ فقال : لا والله ، إلا أن أبي أخبرني