كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 217 """"""
قال : فإذا خوخةٌ قد فتحت وإذا وجهٌ قد بدا تتبعه لحيةٌ حمراء ، فقال : يا فاسق أسأت التأدية ، ومنعت القائلة ، وأذعت الفاحشة ؛ ثم أندفع يغنيه ؛ فظننت أن طويسا قد نشر يغنيه ، فقلت : أصلحك الله من أين لك هذا الغناء ؟ قال : نشأت وأنا غلام أتبع المغنين وآخذ عنهم ؛ فقالت لي أمي : يا بني ، إن المغني إذا كان قبيح الوجه لم يلتفت إلى غنائه ، فدع الغناء وأطلب الفقه فإنه لا يضر معه قبح الوجه . فتركت المغنين وأتبعت الفقهاء ، فبلغ الله بي ما ترى . فقلت : فأعد جعلت فداءك . فقال : لا ولا كرامة أتريد أن تقول أخذته عن مالك بن أنس وإذا هو مالك ولم أعلم .
ومنهم محمد بن إسماعيل بن علي بن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما . كان عالما بالفقه والغناء جميعا . وكان يحيى بن أكثم وصفه للمأمون بالفقه ، ووصفه أحمد بن يوسف بالغناء . فقال المأمون : ما أعجب ما أجتمع فيه العلم بالعلم والغناء .
ذكر من غنى من الأعيان والأكابر والقواد
ممن نسبت له صنعةٌ في الغناء
منهم أبو دلف العجلي . هو أبو دلف القاسم بن عيسى بن إدريس أحد بني عجل بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل . كان محله من الشجاعة وبعد الهمة وعلو المحل عند الخلفاء وعظم الغناء في المشاهد وحسن الأدب وجودة الشعر محلا كبيرا ليس لكثير من أمثاله .
قال أبو الفرج الأصبهاني : وله صنعة حسنة . فمن جيد صنعته قوله والشعر له أيضا :
بنفسي يا جنان وأنت منّي . . . مكان الرّوح من جسد الجبان
ولو أني أقول مكان نفسي . . . خشيت عليك بادرة الزمان
لإقدامي إذا ما الخيل حامت . . . وهاب كماتها حرّ الطّعان