كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 220 """"""
وقوله فيه :
أنت الذي تنزل الأيام منزلها . . . وتنقل الدهر من حالٍ إلى حال
وما مددت مدى طرفٍ إلى أحدٍ . . . إلاّ قضيت بأرزاقٍ وآجال
تزورّ سخطاً فتضحى البيض ضاحكةً . . . وتستهلّ فتبكي أعين المال
وكان سبب مدح علي بن جبلة أبا دلف بقوله :
إنما الدنيا أبو دلفٍ
ما رواه أبو الفرج الأصفهاني بسنده عن علي بن جبلة قال : زرت أبا دلف بالجبل ، فكان يظهر من بري وإكرامي والتحفي بي أمراً عظيما مفرطا حتى تأخرت عنه حياء . فبعث إلي معقلا وقال : يقول لك الأمير : قد أنقطعت عني ، وأظنك قد أستقللت بري ، فلا يغضبنك ذلك فإني سأزيد فيه حتى ترضي . فقلت : والله ما قطعني إلا الإفراط في البر ، وكتبت إليه : هجرتك لم أهجرك من كفر نعمةٍ . . . وهل يرتجى نيل الزيادة بالكفر
ولكنني لمّا أتيتك زائراً . . . فأفرطت في برّي عجزت عن الشكر
فم الآن لا آتيك إلاّ مسلّماً . . . أزورك في الشهرين يوماً وفي الشهر
فإن زدتني برّاً تزايدت جفوةً . . . ولم تلقني طول الحياة إلى الحشر
فلما قرأها معقل أستحسنها وقال : أحسنت والله أما إن الأمير يعجبه هذا من المعاني . فلما أوصلها إلى أبي دلف قال : قاتله الله ما أشعره وأرق معانيه وأجابني لوقته وكان حسن البديهة حاضر الجواب :
ألا ربّ طيفٍ طارقٍ قد بسطته . . . وآنسته قبل الضّيافة بالبشر
أتاني يرجّيني فما حال دونه . . . ودون القرى والعرف من نائلي سترى
وجدت له فضلاً عليّ بقصده . . . إليّ وبرّاً زاد فيه علي برّي
فزوّدته مالا يدوم بقاؤه . . . وزوّدني مدحاً يدوم على الدهر