كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 221 """"""
قال : وبعث بالأبيات وصيفا وبعث إلي معه بألف دينار . فقلت حينئذ :
إنما الدنيا أبو دلف
الأبيات .
وروى أبو الفرج عن أحمد بن عبيد الله بن عمار قال : كنا عند أبي العباس المبرد يوما وعنده فتى من ولد أبي البختري وهب بن وهب ، أمرد حسن الوجه ، وفتىً من ولد أبي دلف البجلي شبيه به في الجمال . فقال المبرد لأبن أبي البختري : أعرف لجدك قصة ظريفة من الكرم حسنة لم يسق إليها . قال : وما هي ؟ قال : دعى رجل من أهل الأدب إلى بعض المواضع فسقوه نبيذا غير الذي يشربون منه ؛ فقال فيهم :
نبيذان في مجلسٍ واحدٍ . . . لإيثار مثرٍ على مقتر
فلو كان فعلك ذا في الطعام . . . لزمت قياسك في المسكر
ولو كنت تفعل فعل الكرام . . . صنعت صنيع أبي البختري
تتّبع إخوانه في البلاد . . . فأغنى المقلّ عن المكثر
فبلغت الأبيات أبا البختري فبعث إليه ثلثمائة دينار . قال أبن عمار : فقلت وقد فعل جد هذا الفتى في هذا المعنى ما هو أحسن من هذا . قال : وما فعل ؟ قلت : بلغه أن رجلاً أفتقر من ثروة ، فقالت له امرأته ، أفترض في الجند ، فقال :
إليك عنّي فقد كلّفتني شططاً . . . حمل السلاح وقول الدّارعين قف
تمشى المنايا إلى قومٍ فأكرهها . . . فكيف أمشي إليها عاري الكتف
حسبت أنّ نفاد المال غيّرني . . . أو أنّ روحي في جنبي أبي دلف