كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 222 """"""
فأحضره أبو دلف وقال : كم أملت أمرأتك أن يكون رزقك ؟ قال : مائة دينار ، قال : كم أملت أن تعيش ؟ قال : عشرين سنة . قال : فذلك لك على ما أملت وأملت أمرأتك في مالنا دون مال السلطان ، وأمر بإعطائه إياه . قال : فرأيت وجه أبن أبي دلف يتهلل وأنكسر أبن أب البختري . وهذه الأبيات رويت لأبن أبي فننٍ .
ومنهم أخوه معقل بن عيسى . كان فارسا شاعرا جوادا مغنيا فهماً بالنغم والوتر ، ذكره الجاحظ مع ذكر أخيه أبي دلف . وهو القائل لمخارق وقد كان زار أبا دلف بالجبل ثم رجع إلى العراق ، وله في ذلك غناء :
لعمري لئن قرّت بقربك أعينٌ . . . لقد سخنت بالبعد عنك عيون
فسر أو أقم ، وقفٌ عليك مودّتي . . . مكانك من قلبي عليك مصون
فما أوحش الدنيا إذا كنت نازحاً . . . وما أحسن الدنيا بحيث تكون
ومنهم عبد الله بن طاهر بن الحسين وأبنه عبيد الله . فأما عبد الله فكان محله من علو المنزلة وعظم القدر والتمكن عند الخلفاء ما هو مشهور مذكور في أخبارهم . وتقلد الولايات الكبيرة مثل مصر والجزيرة وما يلي ذلك ، ثم نقل إلى خراسان . وله عطايا وهبات وصلات لا ينكرها أحد . ومحله من الشجاعة والإقدام معروف . وكان يعتني بالغناء ويصنعه ، إلا أنه كان يترفع عن ذكره والأعتراف به ونسبته إليه .
قال أبو الفرج : والأصوات التي غنى فيها عبد الله بن طاهر كثيرة . وكان أبنه عبيد الله إذا ذكر شيئا منها من صنعته قال : الغناء للدار الكبيرة ، وإذا ذكر شيئا من صنعة نفسه قال : الغناء للدار الصغيرة . فمن الأصوات التي صنع فيها عبد الله بن طاهر قوله :
هلاّ سقيتم بني حزم أسيركم . . . نفسي فداؤك من ذي غلّةٍ صادى الطاعن الطّعنة النجلاء يتبعها . . . مضرّجٌ بعد ما جادت بإزباد

الصفحة 222