كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 224 """"""
وكان المعتضد بالله ربما أراد أن يصنع في بعض الأشعار غناء ويحضره أكابر المغنين فيعدل عنهم إليه فيصنع فيه أحسن صنعة ، ويترفع عن إظهار نفسه بذلك فيومئ إلى أنه من صنعة جاريته ساجى . وسنذكر ساجى إن شاء الله تعالى في أخبار القيان ، وكانت تخريج عبيد الله وتأديبه .
قال : ولما أختلت حال عبيد الله كان المعتضد بالله يتفقده بالصلات . ومن أصوات عبيد الله التي جمع فيها النغم العشر قوله في شعر إبراهيم بن علي بن هرمة :
وإنك إذ أطمعتني منك بالرّضا . . . وأيأستني من بعد ذلك بالغضب
كممكنةٍ من درّها كفّ حالب . . . ودافقةٍ من بعد ذلك ما حلب
وأخبار عبيد الله كثيرة سنذكر منها في هذا الباب في أخبار ساجى طرفا ، ونورد منها إن شاء الله تعالى في فن التاريخ ما يناسب . وأستغفر الله العظيم .
ذكر أخبار المغنين الذين نقلوا الغناء من الفارسية إلى العربية ومن أخذ عنهم ومن أشتهر بالغناء
والغناء قديم في الفرس والروم ، ولم يكن للعرب قبل ذلك إلا الحداء والنشيد ، وكانوا يسمونه الركبانية . وأول من نقل الغناء العجمي إلى العربي من أهل مكة سعيد بن مسجح ومن أهل المدينة سائب خاثر . وأول من صنع الهزج طويس . ولنبدأ بذكر أخبار هؤلاء ثم نذكر من أخذ عنهم إن شاء الله تعالى .
ذكر أخبار سعيد بن مسجح
هو أبو عثمان سعيد بن مسجح ، مولى بني جمح ، وقيل : مولى بني مخزوم ، وقيل : مولى بني نوفل بن الحارث بن عبد المطلب . مكي أسود وقيل : أصفر حسن اللون . وقيل : كان مولدا ، يكنى أبا عيسى . وقيل : كان هو وأبن سريج

الصفحة 224