كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 229 """"""
أبن خليفة ؛ فكان على ذلك إلى أن قتل ، على ما نذكره . وأخذ عنه معبد غناء كثيرا . قال : وسمع معاوية غناء سائب خاثر مرارا ، فالمرة الأولى لما وفد عبد الله بن جعفر إلى معاوية وهو معه ، فسأل عنه معاوية ، فأخبره عبد الله خبره وأستأذنه في دخوله عليه ، فأذن له . فلما دخل قام على الباب ثم رفع صوته فغنى : لمن الديار رسومها قفر الأبيات فالتفت معاوية إلى عبد الله وقال : أشهد لقد حسنه . وقضى معاوية حوائجه وأحسن إليه ووصله . وقيل : أشرف معاوية ليلةً على منزل يزيد ، فسمع صوتا أعجبه ، وأستخفه السماع فأستمع حتى مل ؛ ثم دعا بكرسي فجلس عليه وأشتهى الأستزادة ، فاستمع بقية ليلته . فلما أصبح غدا عليه يزيد ؛ فقال : يا بني ، من كان جليسك البارحة ؟ قال : أي جليس يا أمير المؤمنين ؟ وأستعجم عليه . فقال : عرفني به فإنه لم يخف علي شيء من أمرك . قال : هو سائب خاثر . قال معاوية : فأكثر له يا بني من برك وصلتك ، فما رأيت بمجالسته بأسا .
قال أبن الكلبي : وقدم معاوية المدينة في بعض ما كان يقدم ، فأمر حاجبه بالإذن للناس ؛ فخرج ثم رجع فقال : ما بالباب أحد . فقال معاوية : وأين الناس ؟ قال : عند عبد الله بن جعفر . فركب معاوية بغلته ثم توجه إليهم . فلما جلس قال بعض القرشيين لسائب خاثر : مطرفي هذا لك إن أندفعت تغنى وكان المطرف من خز ؛ فقام بين السماطين وغنى فقال :
لنا الجفنات الغرّ يلمعن بالضحى . . . وأسيافنا يقطرن من نجدةٍ دما
فسمع منه معاوية طرب وأصغى إليه حتى سكت وهو مستحسن لذلك ، ثم أنصرف ، وأخذ سائب خاثر المطرف .

الصفحة 229